Top Ad unit 728 × 90

آخرالدروس

دروس

التنمية المستدامة - Sustainable development


    يحثنا ديننا الإسلامي على العمل الدؤوب وعمارة الأرض التي استخلفنا الله فيها وأمرنا بتعميرها ، كما يحثنا على استغلال الموارد الطبيعية التي أوجدها الله في الأرض وسخرها لخدمة الإنسان دون فساد أو إفساد قال تعالى: " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين " (سورة القصص الآية 77).
وفي الحديث النبوي الشريف: " لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها ".

الظروف الدولية التي أدت إلى ظهور فكرة التنمية المستدامة:
أدت مشاريع التنمية التي قام بها الإنسان في مختلف النواحي الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية إلى إحداث الكثير من التغييرات والإنجازات التي صاحبها الأضرار بالبيئة ، وإزاء هذه المشكلات والمخاطر البيئية عقد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية عام 1992م في مدينة ريودي جانيرو بالبرازيل ، وقد حضره عدد كبير من رؤساء الدول وأطلق عليه " مؤتمر قمة الأرض " ، وأصدر المؤتمر خطة عمل شاملة سماها أجندة القرن الحادي والعشرين إذ تأسست لجنة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ( UNCSD ) وتضمنت إتفاقيات دولية تشمل : صون التنوع الإحيائي ( البيولوجي ) ، وقضايا تغير المناخ ، وصون الغابات ، ومكافحة التصحر ، ولفت المؤتمر الإنتباه إلى أهمية معالجة قضايا البيئة والتنمية حفاظا على مستقبل الإنسان ، ومنه ظهرت فكرة التنمية المستدامة التي تحفظ حقوق الأجيال كافة في الموارد الطبيعية .


تعريف التنمية المستدامة :
استخدم علماء اقتصاد التنمية تعبير الإستدامة ( sustainability ) لإيضاح التوازن المطلوب بين النمو الإقتصادي والمحافظة على البيئة ومن هنا تعددت تعريفات التنمية المستدامة ، ونذكر منها التعريفات التالية :

تعريف اللجنة العالمية للتنمية المستدامة 1987م:
" تلبية احتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة ".

تعريف مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية - ريودي جانيرو 1992م:
" إدارة الموارد الإقتصادية بطريقة تحافظ على الموارد والبيئة ، أو تحسينها لكي تمكن الأجيال المقبلة من أن تعيش حياة كريمة أفضل ".

كما تعرف بأنها " التنمية التي تكفل خدمة الأجيال الحالية بشكل لا يضر أو يمس مصالح الأجيال القادمة . بمعنى ترك المصادر المتوفرة الآن للأجيال القادمة بنفس الوضع الذي هي عليه أو أحسن ".
يتضح مما سبق أنه ليس هناك اتفاق حول تعريف التنمية المستدامة ، ويمكن تلخيص هذه التعريفات
في التعريف التالي:

" الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية المتاحة بشكل يكفل الرخاء الإقتصادي والإجتماعي وتحقيق الإحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة ".

إن تحقيق التنمية المستدامة يحتاج إلى تغييرات جوهرية في الأنظمة الإقتصادية والإجتماعية على الأخص ، ولكن مثل هذا التغيير لا يمكن أن يتم من خلال السلطات الحاكمة ، بل من خلال التنظيمات الشعبية والإجتماعية الذاتية ، والتعاون بين القطاعات الإجتماعية والإقتصادية المختلفة ، وممارسة الديمقراطية الإقتصادية من خلال عملية تشاورية تشارك فيها كل قطاعات المجتمع.

أبعاد التنمية المستدامة:
تعالج التنمية المستدامة ثلاثة أبعاد رئيسية متداخلة ومتكاملة هي :
      1• التنمية الإقتصادية وتحقيق أكبر قدر من العدالة في توزيع الثروة.
      2• التنمية الإجتماعية وتحقيق المساواة والتماسك والحراك الإجتماعي.
      3• المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية.

وتتقاطع مع هذه الأبعاد الثلاثة قضايا عدة لها علاقة بالتوعية والتعليم وبناء المؤسسات ومشاركة المرأة والشباب والتدريب والإعلام والمنظمات الأهلية غير الحكومية.


خصائص التنمية المستدامة:
للتنمية المستدامة عدة خصائص نحددها فيما يلي:
     1• طويلة المدى، إذ يعد البعد الزمني فيها هو الأساس ، إضافة إلى البعد الكمي والنوعي.
     2• تراعي حق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية.
     3• تضع تلبية الإحتياجات الأساسية للفرد في المقام الأول.
     4• تراعي الحفاظ على المحيط الحيوي في البيئة الطبيعية بكل محتوياته.
     5• يعد الجانب البشري فيها وتنميته من أول أهدافها وخاصة الإهتمام بالفقراء.
     6• تراعي المحافظة على تنوع المجتمعات وخصوصيتها ثقافيا ودينيا وحضاريا.
    7• تقوم على التنسيق والتكامل الدولي في استخدام الموارد ، وتنظيم العلاقة بين الدول الغنية والدول الفقيرة.

أسس التنمية المستدامة ومقوماتها:
تعتمد التنمية المستدامة على تحقيق أمرين أساسيين هما: الحق في التنمية والحق في حماية البيئة، وكلاهما من حقوق الإنسان الأساسية ، وأهم هذه الأسس:
      1• الإنسان وهو المسؤول الأول وحامل الأمانة من خالقه.
      2• الطبيعة وما تحتويه من موارد سخرها الله لخدمة الإنسان وضرورة الإستخدام المتواصل لها.
      3• التكنولوجيا وما تعنيه من استخدام المعرفة العلمية في استثمار موارد البيئة وحل مشكلاتها والتصدي للأخطار التي تواجهها.


أسس التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي:
     1• يحث الإسلام على عمارة الأرض مصداقا لقوله تعالى: ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ).
     2• يهتم الإسلام بالإنسان لأنه أساس التنمية ، فهو صانعها ومستخدمها في آن واحد.
     3• إقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يسخر كل ما في الكون للإنسان. ( آلم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأصبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) سورة لقمان آية 27.
    4• إن ملكية الإنسان للموارد الطبيعية ليست مطلقة، فيجب عليه أن يحفظ التوازن البيئي ولا يسرف في استهلاك تلك الموارد إلا قدر الحاجة.
    5• حق الإنتفاع بموارد البيئة دون حق الملكية ، له محدودية زمنية ، فقد قال الله سبحانه: "ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين" (سورة البقرة ، الآية : 36).
     6• تفيد تلك المحدودية الزمنية في ضبط سلوك الإنسان في تعامله مع موارد البيئة وثرواتها لأن تلك الثروات والمواد ليست ملكا للجيل الحالي بل هي ملك للأجيال القادمة.

وعلى هذا الأساس يظهر لنا مفهوم التنمية المستدامة من وجهة نظر الدين الإسلامي على أنها التوازن بين أبعاد التنمية الإقتصادية والإجتماعية ، والبعد البيئي من أجل الإستغلال الأمثل للموارد التي سخرها الله سبحانه وتعالى دون إهدار حقوق الأجيال المقبلة. وهذا يتضح لنا جليا أن الإسلام قد سبق العالم كله بأكثر من ألف وأربعمائة عام في الدعوة صراحة إلى التنمية المستدامة.

أهداف التنمية المستدامة:

تسعى التنمية المستدامة من خلال آلياتها وأجهزتها إلى تحقيق عدة أهداف منها :
    1• تحسين القدرة الوطنية على إدارة الموارد الطبيعية إدارة واعية رشيدة لتحقيق حياة أفضل لكافة فئات المجتمع.
    2• إحترام البيئة الطبيعية من خلال تنظيم العلاقة بين الأنشطة البشرية وعناصر البيئة وعدم الإضرار بها ، إضافة إلى تعزيز   الوعي البيئي للسكان وتنمية إحساس الفرد بمسؤوليته تجاه المشكلات البيئية.
      3• ضمان إدراج التخطيط البيئي في كافة مراحل التخطيط الإنمائي ، من أجل تحقيق الإستغلال الرشيد الواعي للموارد الطبيعية للحيلولة دون استنزافها أو تدميرها.
      4• ربط التكنولوجيا الحديثة بما يخدم أهداف المجتمع ، وجمع ما يكفي من البيانات الأساسية ذات الطابع البيئي للسماح بإجراء   تخطيط إنمائي سليم.
      5• إعلام الجمهور بما يواجه من تحديات في شتى المجالات لضمان المشاركة الشعبية الفعالة.
      6• التركيز بوجه خاص على الأنظمة المعرضة للأخطار ؛ سواء كانت أراضي زراعية معرضة للتصحر ، أم مصادر مياه                معرضة للنضوب أم للتلوث ، أم نموا عمرانيا عشوائيا. 

◘ كما يمكن تمثيل أهدافها كما هو موضح في الشكل:

Sustainable development
مؤشرات التنمية المستدامة:
تساهم مؤشرات التنمية المستدامة في تقييم مدى تقدم الدول والمؤسسات من تحقيق أهداف التنمية المستدامة بصورة فعلية ، وتتمحور هذه المؤشرات حول توصيات أجندة القرن الحادي والعشرين التي حددتها الأمم المتحدة وهي:


 1المؤشرات الإجتماعية:
وتعني توفير الظروف للدول والبشر حتى يتمكنوا من تحقيق:
    1• المساواة الإجتماعية وتحقيق عدالة توزيع الثروة ومكافحة الفقر، وتم اختيار مؤشرين لقياس مدى تحقيق الدول العدالة الإجتماعية هما: (نسبة عدد السكان تحت خط الفقر ، ومقدار التفاوت بين الفئة الأغنى في المجتمع والأفقر فيه).
    2• الرعاية الصحية المناسبة لجميع أفراد المجتمع، وخاصة المناطق النائية والأرياف مع السيطرة على الأمراض المتوطنة والوبائية الناجمة عن تلوث البيئة، ( العمرالمتوقع عند الولادة ، معدلات وفيات الأمهات والأطفال والرعاية الصحية الأولية ).
     3• التعليم، الذي يعد أهم حقوق الإنسان ، لأن السبيل الأهم لتحقيق التنمية المستدامة لأي مجتمع عصري ، وذلك من خلال إعادة توجيه التعليم نحو سبل التنمية ومجالاتها ، وزيادة فرص التدريب  وتوعية الطبقات الفقيرة بأهمية التعليم. ومن مؤشرات قياس مدى تقدم التعليم في الدول: ( نسبة الأمية ، ومدى استمرار الطلبة في مسيرة التعليم ، ونسبة إنفاق الدول على التعليم والبحث العلمي ).
     4• السكن والسكان، حيث يؤثر النمو السكاني السريع وهجرة سكان الريف المدن في تحقيق تنمية مستدامة وتؤدي إلى إفشال خطط التخطيط الإقتصادي والعمراني للدول ، وتم اعتماد مؤشرين: ( معدل النمو السكاني ، ونصيب الفرد في الأبنية العمرانية ).
  5• الأمن الإجتماعي وحماية الناس من الجرائم بتحقيق العدالة والديمقراطية والسلام الإجتماعي ، ويتم قياس ذلك بمؤشر معدل نسبة مرتكبي الجرائم في المجتمع

المؤشرات الإقتصادية:
وتشمل قضايا البيئة الإقتصادية وأنماط الإنتاج والإستهلاك في الدول، ومنها:
    • البيئة الإقتصادية: حيث تقييم أداء الدول الإقتصادي من خلال : معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي، والميزان التجاري للدول ، ونسبة المديونية الخارجية والمحلية في الدخل القومي للدول الفقيرة، ومدى المساعدات التي تقدمها الدول الغنية.
    • أنماط الإنتاج والإستهلاك: حيث تحولت معظم الدول إلى الأنماط الإستهلاكية وأنماط الإنتاج غير المستدامة. التي تستنزف الموارد بشكل غير مدروس وخاصة من جانب الدول الصناعية الكبرى . وتقاس مؤشرات الإنتاج والإستهلاك بمؤشرات: ( مدى كثافة استخدام الموارد في الإنتاج، ومعدل استهلاك الفرد الطاقة، وكميات النفايات وتدويرها، ومدى توافر المواصلات ).

3 المؤشرات البيئية:
تتمثل في القضايا البيئية المعاصرة ومنها:
1• التغيرات في الغلاف الغازي للأرض، والإحتباس الحراري وثقب الأوزون، ومواجهته من خلال العمل على معالجة التلوث الهوائي المتخطي الحدود، وتحسين نوعية الهواء من خلال بروتوكولات كيوتو ومنتريال.
2• استخدامات الأراضي من خلال حمايتها من التدهور البيئي، ومكافحة التصحر ووقف إزالة الغابات الطبيعية والزحف العمراني على الأراضي الزراعية، مع العمل على تحقيق تنمية مستدامة للإنتاج الزراعي والغابي والرعوي.
3• المسطحات البحرية، وحمايتها بالحد من تلوث البحار ، ووقف طرائق الصيد البحري الجائر ، وتنمية الثروة السمكية وحماية الأنواع المعرضة للإنقراض ، إضافة إلى حل مشكلة ارتفاع منسوب سطح البحر في السنوات القادمة مما يهدد بإغراق مساحات شاسعة من الجزر واليابسة.
4• مضادر المياه العذبة، حيث يعاني 35% من سكان العالم من شح مائي خطير ، وتنبه المنظمات العالمية إلى أن حروب القرن الحادي والعشرين ستكون بسبب مصادر المياه والنزاع الدولي عليها ، ويتم قياس التنمية المستدامة عن طريق مؤشر مدى نوعية المياه وكمياتها المتوفرة ونصيب الفرد من المياه العذبة النظيفة.

4 المؤشرات المؤسسية:
• الإطار المؤسسي: ويشمل إنشاء أطر مؤسسية لتطبيق التنمية المستدامة من خلال وضع استراتيجية وطنية لكل دولة، إضافة إلى التوقيع على الإتفاقيات العالمية في مجال التنمية المستدامة.
• قدرة مؤسسات الدول على تحقيق التنمية المستدامة من خلال إمكانيات البشرية والعلمية والإقتصادية والسياسية.

معوقات التنمية المستدامة في الدول العربية:

1• الفقر وتراكم الديون  التي تستنزف أكثر من نصف الدخل القومي لمعظم الدول العربية.
2• الحروب الداخلية وانعدام الإستقرار، وغياب الأمن وسباق التسلح ، مما يؤدي إلى استنزاف أموال هائلة.
3• ضعف الإمكانات التقنية والخبرات الفنية، بسبب هجرة العقول العربية إلى الدول المتقدمة ، مما أثر سلبا على خطط التنمية ، وسبب اتساع فجوة المعرفة بين الدول المتقدمة والدول العربية النامية.
4• تدني الأوضاع الإقتصادية ، وانتشار البطالة، وضعف التنمية الإقتصادية ، وهجرة أكثر من 900 مليار دولار من الدول العربية إلى بنوك الدول الأجنبية.

5• النمو السكاني الكبير، والذي يزيد على 3% سنويا أي أكثر من 11 مليون نسمة حيث تلتهم كل جهود التنمية الإقتصادية والإجتماعية للدول العربية. 











شـارك الموضوع مع أصدقائك لتعميم الفائدة


التنمية المستدامة - Sustainable development Reviewed by Unknown on 2:03 م Rating: 5

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.